إن المراجعة ميدان هام واسع وشاسع وإن المهتم سواء كان طالب أو متخصصا محترفا يشتكي من الفراغ الشبه كامل والنقص الكبير للمراجع حول مراقبة ومراجعة الحسابات .فرغم أن المراجعة قديمة قدم الإنسان في صراعه مع الطبيعة من أجل إشباع حاجاته ورغم أن مراجعة الحسابات قديمة هي الأخرى قدم اكتشاف الأرقام وظهور النظام المحاسبي والتطور الكبير الذي صاحب تطور المنظمات والمؤسسات وتعقد عالم الأعمال اليوم، بالإضافة إلى الرغبة المتزايدة، كل سنة، للطلبة في فرع العلوم المالية والمحاسبة، نظرا لما تعرضه سوق العمل من مناصب لذوي الاختصاص وإمكانية تحضير شهادة الخبرة في المحاسبة ومزاولة المهنة لهؤلاء، فلم يول اهتمام، ولو متواضع للكتابة حوله.
إن الممارس المحترف منهمك في مهماته منعزل، والجامعي، في انعزال لما لانعزال الجامعة عن المؤسسة البيروقراطية المنغلقة على نفسها.
إن الكتاب العربي حول هذا الميدان، في بلادنا، قديم تجاوزته الأحداث ومفقود، وأن الكتاب الأجنبي نادر إن لم نقل غير موجود كذلك.
لكل هذا ورغم كل هذا، حاولنا إنجاز وتقديم هذا العمل المتواضع، معتمدين في ذلك على أشهر الكتب الحديثة المتخصصة وعلى ما يجري في الميدان من الحياة الاقتصادية .
إن الهدف الأول من وراء هذا المؤلف هو، بعد أكثر من عشريتين في تدريس مقياس مراقبة ومراجعة الحسابات، لطلبة فرع العلوم المالية، وسنين كعضو ممتحن لمرشحي شهادة الخبرة في المحاسبة، تلبية الكثير من الرغبات .إن احتكاكنا بالمهنة وأصحابها، من جهة أخرى، جعلنا نلم بانشغالات هؤلاء جميعا وشجعنا، رغم صعوبة الطريق، على إنجاز هذا الكتاب.
فهو موجه إذن إلى طلبة العلوم الاقتصادية، التجارية والمالية، المحاسبين، الماليين وبخاصة المراجعين في الحياة الاقتصادية.
عمل متواضع ومحاولة لسد شيء من الفراغ الذي نعاني منه جميعا في ميدان الكتاب، نتمنى أن يشارك القارئ الكريم بملاحظته، مهما كان نوعها، إثراء للمحتوى.
إن المراجعة ميدان واسع، عرف تطورات كبيرة متواصلة، صاحبت تعقد النشاطات وتنوعها، مع كبر حجم المؤسسات وضخامة الوسائل البشرية، المادية والمالية المستعملة .يصعب فيها، يوما بعد يوم، التسيير إذ تكثر العمليات المنجزة والمعلومات المتدفقة والأخطاء والانحرافات، بل والتلاعبات أحيانا.
وكمدخل لهذا الميدان، سنتعرض من خلال هذا الفصل إلى النقاط التالية:
لمحة تاريخية
عموميات حول مفهوم المراجعة
العلاقة بين أنواع المراجعة
تكامل المراجعة الداخلية والمراجعة الخارجية
1.1- لمحة تاريخية
إن المراجعة قديمة قدم الإنسان في صراعه مع الطبيعة من أجل إشباع حاجاته ، عكس المحاسبة التي لم تعرف في شكل منظم إلا بعد اختراع الأرقام واختيار النقود وحدة قياس قيم السلع والخدمات المتبادلة .
إلا أن الأمر يختلف بالنسبة لمراجعة ومراقبة الحسابات، إذ أن هذه الأخيرة لم
تظهر إلا بعد ظهور النظام المحاسبي بقواعده ونظرياته، لفحص حسابات النظام من حيث مدى التطبيق تلك القواعد والنظريات عند التسجيل فيها.
لقد صاحب تطور المراجعة والمراقبة تطور النشاط التجاري والاقتصادي، فمنذ النهضة التجارية بإيطاليا، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، والتطور مستمر الذي تبع تطور المنشآت والمؤسسات .
فلم تكن الحاجة إلى المراقبة الخارجية قوية في المؤسسات الفردية الصغيرة إذ كان
المالك مالكا ومسيرا في نفس الوقت .غير أن ظهور المنشآت الصناعية الضخمة في عهد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر ، تميز بالحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة لمسايرة الركب ، فكانت الأموال على مستوى الأفراد نادرة وكذا امتناع البعض ، حيث تتوفر لديه ، على المخاطرة بها ، مما أدى إلى ظهور شركات الأموال .وهذا أدى بدوره إلى انفصال، تدريجيا، الملكية عن التسيير.
لقد لوحظ مع مرور الزمن، أنه من المستحيل أن يشارك كل المساهمين في التسيير ، وحتى انتخاب وتعيين البعض منهم للقيام بتلك المهمة المتمثلة في مختلف الوظائف الحقيقية للمؤسسة .
إن الممارس المحترف منهمك في مهماته منعزل، والجامعي، في انعزال لما لانعزال الجامعة عن المؤسسة البيروقراطية المنغلقة على نفسها.
إن الكتاب العربي حول هذا الميدان، في بلادنا، قديم تجاوزته الأحداث ومفقود، وأن الكتاب الأجنبي نادر إن لم نقل غير موجود كذلك.
لكل هذا ورغم كل هذا، حاولنا إنجاز وتقديم هذا العمل المتواضع، معتمدين في ذلك على أشهر الكتب الحديثة المتخصصة وعلى ما يجري في الميدان من الحياة الاقتصادية .
إن الهدف الأول من وراء هذا المؤلف هو، بعد أكثر من عشريتين في تدريس مقياس مراقبة ومراجعة الحسابات، لطلبة فرع العلوم المالية، وسنين كعضو ممتحن لمرشحي شهادة الخبرة في المحاسبة، تلبية الكثير من الرغبات .إن احتكاكنا بالمهنة وأصحابها، من جهة أخرى، جعلنا نلم بانشغالات هؤلاء جميعا وشجعنا، رغم صعوبة الطريق، على إنجاز هذا الكتاب.
فهو موجه إذن إلى طلبة العلوم الاقتصادية، التجارية والمالية، المحاسبين، الماليين وبخاصة المراجعين في الحياة الاقتصادية.
عمل متواضع ومحاولة لسد شيء من الفراغ الذي نعاني منه جميعا في ميدان الكتاب، نتمنى أن يشارك القارئ الكريم بملاحظته، مهما كان نوعها، إثراء للمحتوى.
والله ولي التوفيق
محمد بوتين
الفصل الأول
مدخل إلى المراجعة
وكمدخل لهذا الميدان، سنتعرض من خلال هذا الفصل إلى النقاط التالية:
لمحة تاريخية
عموميات حول مفهوم المراجعة
العلاقة بين أنواع المراجعة
تكامل المراجعة الداخلية والمراجعة الخارجية
1.1- لمحة تاريخية
إن المراجعة قديمة قدم الإنسان في صراعه مع الطبيعة من أجل إشباع حاجاته ، عكس المحاسبة التي لم تعرف في شكل منظم إلا بعد اختراع الأرقام واختيار النقود وحدة قياس قيم السلع والخدمات المتبادلة .
إلا أن الأمر يختلف بالنسبة لمراجعة ومراقبة الحسابات، إذ أن هذه الأخيرة لم
تظهر إلا بعد ظهور النظام المحاسبي بقواعده ونظرياته، لفحص حسابات النظام من حيث مدى التطبيق تلك القواعد والنظريات عند التسجيل فيها.
لقد صاحب تطور المراجعة والمراقبة تطور النشاط التجاري والاقتصادي، فمنذ النهضة التجارية بإيطاليا، في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، والتطور مستمر الذي تبع تطور المنشآت والمؤسسات .
فلم تكن الحاجة إلى المراقبة الخارجية قوية في المؤسسات الفردية الصغيرة إذ كان
المالك مالكا ومسيرا في نفس الوقت .غير أن ظهور المنشآت الصناعية الضخمة في عهد الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر ، تميز بالحاجة إلى رؤوس أموال كبيرة لمسايرة الركب ، فكانت الأموال على مستوى الأفراد نادرة وكذا امتناع البعض ، حيث تتوفر لديه ، على المخاطرة بها ، مما أدى إلى ظهور شركات الأموال .وهذا أدى بدوره إلى انفصال، تدريجيا، الملكية عن التسيير.
لقد لوحظ مع مرور الزمن، أنه من المستحيل أن يشارك كل المساهمين في التسيير ، وحتى انتخاب وتعيين البعض منهم للقيام بتلك المهمة المتمثلة في مختلف الوظائف الحقيقية للمؤسسة .